للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ – نزه نفسه عن مقابلة الجناية بمثلها: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ} .

٣ – ذكره بما يجب عليه من خوف ربه واتقاء عذبه: {إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} .

٤ – ذكره بأن المعتدي يحمل وزر نفسه وأوزار المعتدى عليه: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ} .

٥ – ذكره بعذاب النار وكونها مثوى للظالمين الفجار {فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} .

ولكن هل أثرت هذه المواعظ وتلك النصائح الغالية في نفس ذلك الأخ الحاقد الباغي؟ ذلك ما بينه ربنا بقوله: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} لقد كان بفطرته البشرية يتخوف من قتل أخيه، ويتهيب هذا الأمر العظيم، ولكن نفسه الأمارة بالسوء ما زالت به تسهل له هذا المنكر, وتزينه وتشجعه عليه، حتى تجرأ وأقدم على هذه الجريمة النكراء، جريمة قتل أخيه ظلماً وعدواناً، بلا تفكر ولا تدبر، فأصبح بعمله هذا من الذي خسروا أنفسهم حيث عرضوها لعقاب الله ونقمته، وخسروا أقرب الناس إليهم, وأبرهم بهم، وخسروا نعيم الآخرة, إذ لم يعودوا أهلاً لدار المتقين، بل صاروا أهلاً لجهنم وبئس مثوى الظالمين.

قال الشوكاني في تفسيره: "وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل" [٢٥] .