للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: هو التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير، وكل حركة في الجوارح، وكل حركة في الحياة.. التوجه بها إلى الله خالصة، والتجرد من كل شعور آخر, ومن كل معنى غير معنى التعبد لله..

بهذا وذلك يتحقق معنى العبادة.

قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [١٦] , والعبادة هي العبودية المطلقة، معنى وحقيقة.. وكل ما يأتي به المسلم في طاعة الله فهو عبادة لذا كانت جملة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ..} كلية اعتقادية.. فلا عبادة إلا لله, ولا استعانة إلا بالله..

وفي هذا مفرق طريق.. مفرق طريق بين التحرر المطلق من كل عبودية، وبين العبودية المطلقة للعبيد.

وهذه الكلية تعلن ميلاد التحرر البشري الكامل الشامل.. التحرر من عبودية الأوهام، والتحرر من عبودية النظم، والتحرر من عبودية الأوضاع.. وإذا كان الله وحده هو الذي يعبد، والله وحده هو الذي يستعان فقد تخلص العبد من استذلال النظم والأوضاع والأشخاص, كما تخلص من استذلال الأساطير والأوهام والخرافات [١٧] .

أما العبادة بالمعنى الخاص: فهي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.. وهي نوع من التربية على العبادة الكامل ة الحقة [١٨] ..

ففرائض الإسلام تخاطب كل الجوانب في الإنسانية، وتفي بكل الحاجات، وتصحح كل الاتجاهات..

ومن وراء كل ذلك.. نجد أن العبادات في الإسلام تدعو إلى الوحدة والجماعة، وهي أساس لوحدة التفكير، ووحدة المفاهيم الأساسية في الحياة, بل ووحدة القيم، والمقاييس الخلقية، والنظر إلى الخير والشر، والفضائل والرذائل.. وقواعد السلوك.. [١٩] .

والعبادات في الإسلام تنتهي إلى نتيجتين:

أولاهما: الاتجاه إلى تربية الوجدان الديني الذي يجعل المؤمن بالإسلام مؤتلفاً مع غيره، ليتكون من هذا الائتلاف مجتمع إنساني متواد متحاب..