للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذا حديث البخاري بسنده إلى كعب بن عجرة إذ قال لمن سأله عن الفدية من صيام:"حملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال: ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا، ما تجد شاة، قلت: لا، قال: "صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك.."

يقول كعب:"فنزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة ".

وهذا الفدية لمن كان مريضاً مرضاً يضطره إلى حلق رأسه أو من كان برأسه أذى كما رأينا من حال كعب بن عجرة، أما العامد الذي لا عذر له، وأما المعذور بغير المرض والأذى كالناسي والجاهل بالحكم والمكره، فقد اختلفت فيه أقوال الأئمة:

فالحنفية: يرون أن الواجب على هؤلاء الدم عينا أو الصدقة عيناً على حسب جنايتهم إلا أنهم قالوا بسقوط الإثم عن المعذور بغير المرض والأذى، وإن وجب عليه الفداء والأئمة الثلاثة: جعلوا العامد كالمعذور: مخيراً بين الأمور الثلاثة، أما المعذور بغير المرض والأذى: فعليه الفداء: مخيراً عند المالكية، وعليه الفداء مخيراً عند الشافعية والحنابلة، إن كانت الجناية فيها إتلاف كالحلق والتقصير وتقليم الأظافر، وليس عليه شيء فيما ليس فيه إتلاف كاللبس وتغطية الرأس والطيب.

وهذه الفقرة من الآية هي القاعدة التي بنى عليها الأئمة آراءهم فيما يجب على المحرم من الفداء إذا ما لبس شيئا ًغير ملابس الإحرام أو غطى رأسه أو حلقها أو قصرها أو قلم أظافره، أو تطيب أو دهن فخالف بذلك ما يجب عليه حال الإحرام.

وتفصيل القول في هذا مرجعه إلى كتب الفقه [١١] ، وحسبنا هذا القدر في بيان معنى قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} . وإن كان قد بقي علينا أن نعرف المكان الذي يؤدى فيه الفداء؟ ؟.