وبعد الأمان وزوال الخوف، على المحرم أن يتم نسكه.. فما هي الصورة التي أحرم بها؟ هل أحرم بالحج فقط (وهذا هو الإفراد) أو أحرم بالحج والعمرة معا (وهذا هو القران) أو أحرم بالعمرة في أشهر الحج، وبعد أن طاف وسعى حلق وتحلل، وانتظر إلى يوم التروية في مكة (وهو اليوم الثامن من ذي الحجة) فأحرم بالحج (وهذا هو التمتع) وهو التمتع الخاص، والمشهور من كلام الفقهاء. والقران هو التمتع العام، لأن المحرم استفاد عمرة مع حج في سفرة واحدة، كما أن من أحرم بالعمرة فأداها وتحلل بما كان محظوراً عليه أثناء إحرامه، ولما جاء يوم التروية أحرم بالحج فاستفاد- أيضاً- حجاً وعمرة، ولذلك لا يحج على المفرد هدى. إنما يجب الهدى على القارن والمتمتع بأن يذبح كل منهما ما استيسر من الهدى وأقله شاة، وله أن يذبح البقر لأن النبي صلى الله عليه وسلم- ذبح عن نسائه البقر وكن متمتعات [١٣] ووقت ذبحه يوم النحر بمنى وقبل الحلق [١٤] .
فإذا لم يجد الهدى. إما لعدم المال أو لعدم الحيوان فيصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فمتى يصوم هذه الأيام الثلاثة؟ وإلام يكون الرجوع؟ هل هو رجوع إلى رحله وأمتعته؟ أو رجوع إلى أهله ودياره؟؟.
قال العلماء:"الأولى أن يصوم الأيام الثلاثة قبل يوم عرفة في العشر "، وقال ابن عباس:"يجوز له أن يصومها من حين إحرامه "، والأفضل كما رأى جلة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر وعلي- " أن يصوم يوماً قبل يوم التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة أما يوم العيد فلا يجوز صيامه، وذلك لما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يومين. يوم الفطر، ويوم النحر " [١٥] ،كذلك أيام التشريق لا يجوز صيامها، لما رواه مسلم عن نبيشة الهذلى رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله ".