ومن فاته الصيام قبل العيد تحلل ووجب عليه دمان: دم التمتع، ودم التحلل قبل نحر الهدى عند الحنفية ولا يلزمه سوى قضاء صومها عند الشافعية.
وإذا كان قد صام الأيام الثلاثة فقد بقى عليه صيام سبعة أيام، فمتى يصومها؟ يقول الله تعالى:{وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} فلم يذكر إلى أي شيء يكون الرجوع هل هو رجوع إلى الرحال، أو رجوع إلى الأهل والديار والأوطان؟؟
بالأول: قال مجاهد وعطاء، وبالثاني قال جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم حتى حكى ابن جرير الإجماع على ذلك، ويؤيدهم في هذا ما رواه البخاري بسنده عن عبد الله ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للناس حين قدم مكة في حجة الوداع:"من كان منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحل ثم ليهل بالحج، فمن لم يجد هديا ليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله".
وبصيام الثلاثة والسبعة تكمل العشرة، ولذلك قال:{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} وهذا من باب التأكيد كما تقول:"كتبت بيدي، وسمعت بأذني، وكما قال تعالى:{وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}[١٦] ..وكما قال:{وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ}[١٧] .."
وقال الزجاج: إنما قال سبحانه: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} مع أن كل أحد يعلم أن الثلاثة والسبعة عشرة: لدفع أن يتوهم متوهم التخيير بين الثلاثة الأيام في الحج والسبعة إذا رجع.
وقال المبرد:"ذكر ذلك ليدل على انقضاء العدد لئلا يتوهم متوهم أنه قد بقى منه شيء بعد ذكر السبعة [١٨] "..
وهذا التمتع وما فيه لغير أهل الحرم أما أهل الحرم فلا تمتع لهم. قال تعالى:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} .
يقول ابن عباس:"يا أهل مكة لا متعة لكم، أحلت لأهل الآفاق وحرمت عليكم إنما يقطع أحدكم وادياً، أو قال: يجعل بينه وبين الحرم وادياً ثم يهل بعمرة [١٩] .."