للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اتفق العلماء على أن أهل الحرم لا متعة لهم، ولكن هذا خص بأهل الحرم أو يلحق بهم من في حكمهم؟ كمن هم دون المواقيت؟ كما قال عطاء ومكحول أو من كان من الحرم على مسافة لا يقصر فيها الصلاة؟ كما قال الشافعية. لكل وجهة [٢٠] وختاماً لهذه الآية يقول سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .

وتقوى الله والخوف منه لهما هنا أهميتهما: إذ لا تؤدى أعمال الحج على وجه التمام والكمال إلا إذا قام بها المؤمن منبعثاً من إيمان عظيم بالله، وما له من صفات الجلال. والكمال وأي سلطة، وأي قوة في الأرض غير سلطان الله وقوته لا يمكن لها أن تدفع الإنسان إلى أداء تلك الأعمال في إخلاص وحب مهما أوتيت هذه السلطة وتلك القوة من مال وجاه وسلاح.

ومن لا يتقى الله ولا يخشاه؟ ومن يجرؤ على مخلفة أمر مولاه؟ إن الذي لا يتقى ربه ولا يخشاه والذي يتعدى حدود خالقه ومولاه: جاهل، غافل أحمق، وعليه أن يتبصر مواضع أقدامه قبل أن يخطو خطوة واحدة في طريق معصية الله، وعليه أن يعرف قدر الإله الذي سيقدم عليه لا محالة. لابد أن يعلم هذه الحقيقة قبل أن يخالف أوامر ربه، ولهذا قال سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ..} ومن ذا الذي يطبق هذا العقاب؟ ومن ذا الذي لا يحسب له ألف حساب، إلا إذا كان من الغافلين، وهل تغنى الغفلة عن أهلها في مواقف الندامة والحسرات؟ وهل ينفع هؤلاء يوم اللقاء ما يسكبون من العبرات؟ ؟

نعوذ بالله من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن بطن لا يشبع ومن دعاء لا يستجاب.. ونسأله عز وجل أن يجنبنا العثرات وأن يكشف عن أمتنا الكربات وأن يهدينا سواء السبيل.


[١] تفسير ابن كثير جـ١ ص ٢٣٠.
[٢] رواه الخمسة وصححه الترمذي.