ثم يروي ابن جرير بعد ذلك بسنده إلى المسور بن مخرمة وذكر أمر الشورى وبيعة عثمان وقال فيها:"فجعل الناس يبايعونه (أي عثمان) وتلكأ علي فقال عبد الرحمن {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِه} الآية.. فجعل علي يشق الناس حتى بايع وهو يقول: خدعة وأيما خدعة ". وفي سند هذه الرواية عند ابن جرير عن عبد العزيز بن أبي ثابت. قال فيه الذهبي [٤] في الميزان:"قال البخاري: لا يكتب حديثه "وقال النسائي وغيره:" متروك "وقال عثمان بن سعيد:"قلت ليحي: فإن أبي ثابت عبد العزيز بن عمران ما حاله قال: ليس بثقة إنما كان صاحب شعر وهو من ولد عبد الرحمن بن عوف "١هـ.
وذكر الحافظ [٥] بن حجر في التهذيب وقال فيه الحسيني بن حبان عن يحيى:"قد رأيته ببغداد كان يشتم الناس ويطعن في أحسابهم ليس حديثه بشيء "١ هـ.
قلت: وقد ذكر ابن جرير عن عبد العزيز هذا بعد أن ساق الرواية السابقة. طامة أخرى وهي أنه فسر قول علي رضي الله عنه في الرواية السابقة الذكر خدعة أيما خدعة. أي أنها خدعة من عمرو بن العاص وذكر وجه الخدعة بما عدلنا عن ذكره لبشاعته.. والله المستعان.
فهذه الروايات وما شابهها غالبها من دس الرافضة على التاريخ وأحببنا التنبيه عليها لأن كثيراً يكتب التاريخ في هذا العصر قد اغتر بها وذكرها من دون تحقيق. ولله در الحافظ بن كثبر فإنه ذكر في كتابه البداية والنهاية أمر الشورى والبيعة بطولها ولم يلتفت إلى شيء من هذه الروايات بل قال بعد أن ساق الروايات الصحيحة:"وما يذكره كثير من المؤرخين كابن جرير وغيره من رجال لا يعرفون أن علياً قال لعبد الرحمن: خدعتني. وأنك إنما وليته لأنه صهرك ويشاورك كل يوم في شأنه. وأنه تلكأ حتى قال له عبد الرحمن {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِه} الآية. إلى غير ذلك من الأخبار المخالفة لما ثبت في الصحاح فهي مردودة على قائليها وناقليها والله أعلم ".