للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان جزاؤه على الله تعالى. فقد كان راتبه اليومى درهما وربع درهم. فقالت له أمرأته يوما إنها ادخرت ربع الدرهم ثم اشترت قميصا. فصادر ثمن القميص وخفض راتبه اليومي إلى درهم فقط.

كان الفاروق رضي الله عنه يقول للمسلمين منتهزاً فرصة الحج.. يا معشر المسلمين: إنا لم نبعث عمالنا إليكم ليضربوا أبشاركم. ويأخذوا أموالكم. ولكن بعثناهم ليعلموكم ويخدموكم فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلى. فوالذي نفس عمر بيده لأقصنه منه فقال ابن العاص: حتى وإن أدب رعيته؟ فقال الفاروق: إي والله لأقصنه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه. ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم. ولا تجمروهم فتفتنوهم. ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم.

وقال لعمرو في موطن آخر.. متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا [١١] .

وهكذا شفى الفاروق رعيته من كثير من عيوبها.

وعندما اعترضت عليه امرأة بحق. قال على ملأ من الناس: أصابت امرأة وأخطأ عمر..

وهذا لا يكاد يصدر عن مسئول في دنيا الناس. إلا متأدبا بأجدب الإسلام.

وقال في عبارات أخاذة بالألباب: لو أن جملا هلك ضياعا بالعراق لخشيت أن يسألني عنه ربي ...

وكان الفاروق رضي الله عنه فطنا كيسا واعيا لأسرار الله في كونه. فقد ظل أكثر من عشرة أعوام خليفة للمسلمين يخطب الجمع والأعياد وغيرهما.

وكانت رسائله الصادرة في دولة مترامية الأطراف تفيض بالحكم والأمثال جارية بين طرفي الإيجاز والإطناب. وكانت بلاغته واضحة لا لف فيها ولا دوران وكان لا يجنح إلى الإطناب إلى إذا اقتضاه المقام. ومن ذلك رسالته في القضاء التي قال فيها للقاضي.