آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك. حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك. البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.. ومراجعة الحق خير من التمادى في الباطل.. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد. أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو نسب.
وإياك والضجر والتأفف بالخصوم والتنكر عند الخصومات.. ومن تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله فما ظنك بثواب الله عز وجل في عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام [١٢] .
وكتب إلى معاوية في القضاء يقول له:
.. أدن الضعيف حتى يشتد قلبه وينبسط لسانه. وتعهد الغريب. فإنك إن لم تتعهده ترك حقه ورجع إلى أهله. وإنما ضيع حقه من لم يرفق به..
كتب إلى شريح يقول له:.. لا تشار ولا تمار ولا تبع ولا تبتع في مجلس القضاء ولا تقضين بين اثنين وأنت غضبان [١٣] .
وهكذا ترى أسلوبه رضي الله عنه مترددا بين الإيجاز والإطناب والمساواة. وأساليبه فطرية مطبوعة وإن أردت المزيد فتأمل كتابه أهل إيلياء (بيت المقدس) والذي منه:
أنه أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم.. ولا يسكن معهم أحد من اليهود.
وعليهم أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن. وعليهم أن يخرجوا منها الروم.
ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم.. فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم حتى يبلغوا مأمنهم.
وفي موطن آخر نراه يحذر قراء القرآن الكريم فيقول: أريدوا الله بقراءتكم وأريدوه بأعمالكم فإنما كنا نعرفكم إذ الوحي ينزل وإذ النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فقد رفع الوحي وذهب النبي صلى الله عليه وسلم.
.. فمن أظهر لنا خيرا ظننا به خيرا وأثنينا به عليه. ومن أظهر لنا شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه. ويقول.. وترك الخطيئة خير من معالجة التوبة. ورب نظرة زرعت شهوة، وشهوه ساعة أورثت حزنا طويلا [١٤] .