ويقول: إن بعض الطمع فقر. وإن بعض اليأس غنى. وإن بعض الشح شعبة من النفاق. ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.
هذا وكان الفاروق ببيانه الرائع المعهود لا يخشى في دين الله لومة لائم. نفذ هذا بكل دقة وأوصى به الخلفاء من بعده، أوصاهم بالمهاجرين والأنصار والمسلمين عامة. وأوصى بأهل الذمة أيضا إذا ما أدوا ما عليهم طوعا أو عن يد وهم صاغرون.
وأوصى الأمراء. ألا يغلقوا أبوابهم دون المسلمين وإلا أكل قويهم ضعيفهم.
أما حكمته المأثورة فلك أن تعرف منها هذه الأقوال العمرية.. الكريمة:
أعقل الناس أعذرهم للناس- لا تؤخر عمل يومك لغدك- لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له- كفى بالمرء غيا أن يكون فيه خصلة من ثلاث.
أنه يعيب شيئا ثم يأتي مثله- أو يبدو له من أخيه شيء يخفى عليه من نفسه- أو يؤذى جليسه فيما لا يعنيه- وقوله: ثلاث يبقين لمك الود في صدر أخيك. أن تبدأه بالسلام وتوسع له في المجلس. وتدعوه بأحب الأسماء إليه.
ومن أقواله الجامعة. لست خبا. والخب لا يخذعنى.
ومن تذوقه المرهف. أنه مر على قوم لا يعرفهم وكانوا يصطلون فقال لهم السلام عليكم يا أهل الضوء ولم يقل يا أهل النار.
وسأل رجلا ما اسمك؟ قال: ظالم بن سارق. فقال له تظلم أنت ويسرق أبوك.
وسأل غلاما مخطئا فقال: نحن متعلمين. فقال له: لخطؤك في كلامك أشد علينا من خطئك في نضالك.
وكان يشجع الناس على تعلم الشعر فيقول: أفضل صناعات الرجل الأبيات من الشعر يقدمها في حاجته يستعطف بها الكريم ويستميل بها اللئيم. وكان يوصى بما قيل من الشعر في الإسلام. ورأى يوما حسان بن ثابت يقول الشعر في المسجد فقال له: أرغاء كرغاء البكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حسان إليك عنى فإنك تعلم أنني كنت أنشد في هذا المكان من هو خير منك فما يغير على شيئاً. فقال الفاروق: صدقت. وصدقت. وتركه ينشد.