فالله تبارك اسمه يقول:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً}{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً}{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً}[٥] وهذا موسى عليه السلام يقول لقومه {لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} وعيسى عليه السلام يقول {يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} فلما بعث خاتم النبيين، صلى الله عليه وسلم، أعلمه ربه بعالمية رسالنه قائلاك {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاس} وأمره أن يقول للبشرية كلها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ... وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة" وهو واحد من أحاديث كثيرة في هذا المعنى.
وهكذا ظلت البشرية موزعة على قيادات النبيين حتى جاء خاتمهم الأعظم صلى الله عليه وسلم، فوجب عليها أن تنضوي بأسرها تحت لوائه، فكان منها فسم سعد بالإيمان به فهم أمة الإجابة، وكان منهم مخلفون رفضوا نور الله الذي جاءهم به فضلوا فهم لا يهتدون سبيلا.
وليس معنى تخصيص الرسل بأقوامهم أن ثمة تعداداً في جوهر الدين، بحيث يكون لكل نبي دين مباين للآخر، كما يزعم أعداء الحق، فدين الله واحد هو الإسلام له سبحانه {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلام}{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} والدين الخاتم ليس سوى جماع الدين الحق، الذي أرسل به تعالى رسله جميعاً {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} .