الله"ولأجابهم بما أجابهم به في الحج بقوله: "ذروني ما تركتكم لو قلت نعم لوجب" ولأنهم قالوا له: "هذه لكم خاصة"فقال: "بل لأبد الأبد". هذا السؤال والجواب صريحان في عدم الاختصاص. الثاني: قوله: إن ذلك إنما يريد به جواز الاعتمار في أشهر الحج وهذا الاعتراض أبطل من الذي قبله فإن السائل إنما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فيه عن المتعة التي هي فسخ الحج لا عن جواز العمرة في أشهر الحج لأنه إنما سأله عقب أمره من لا هدي معه بفسخ الحج فقال له حينئذ: "هذا لعامنا أم للأبد"فأجابه صلى الله عليه وسلم عن نفس ما سأله عنه لا عما لم يسأله عنه وفي قوله: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" عقب أمره من لا هدي معه بالإحلال بيان جلي أن ذلك مستمر إلى يوم القيامة فبطل دعوى الخصوص وبالله التوفيق.
السادس: أن هذه العلة التي ذكرتموها ليست في الحديث ولا فيه إشارة إليها فإن كانت باطلة بطل اعتراضكم بها وإن كانت صحيحة فإنها لا تلزم الاختصاص بالصحابة بوجه من الوجوه بل إن صحت اقتضت دوام معلومها واستمراره كما أن الرمل شرع ليرى المشركين قوته وقوة أصحابه واستمرت مشروعيته إلى يوم القيامة فبطل الاحتجاج بتلك العلة على الاختصاص بهم على كل تقدير.
السابع: أن الصحابة رضي الله عنهم إذا لم يكتفوا بالعلم بجواز العمرة في أشهر الحج على فعلهم لها معه ثلاثة أعوام ولا بإذنه لهم عند الميقات حتى يأمر بفسخ الحج إلى العمرة فمن بعدهم أحرى أن لا يكتفي بذلك حتى يفسخ الحج إلى العمرة إتباعا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإقتداء بالصحابة إلا أن يقول قائل إنا نحن نكتفي من ذلك بدون ما اكتفى به الصحابة ولا نحتاج في الجواز إلى ما احتاجوا هم إليه وهذا جهل نعوذ بالله منه.