الثالث: أنه إذا لم يجز إدخال العمرة إلى الحج فلا يجوز أبداله بها وفسخه إليها بطريق الأولى والأحرى.
فالجواب عن هذه الوجوه من طريقين بمجمل ومفصل:
أما المجمل فهو أن هذه الوجوه اعتراضات على مجرد السنة والجواب عنها بالتزام تقديم الوحي على الآراء وأن كل رأي يخالف السنة فهو باطل قطعا وبيان بطلانه لمخالفة السنة الصحية الصريحة له والآراء تبع للسنة وليست السنة تبعا للآراء.
وأما المفصل وهو الذي نحن بصدده فإن التزمنا أن الفسخ على وفق القياس فلابد من الوفاء بهذا الالتزام وعلى هذا فالوجه الأول جوابه: بأن التمتع وإن تخلله الإحلال فهو أفضل من الإفراد الذي لا حل فيه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم من لا هدي معه بالإحرام به ولأمره أصحابه بفسخ الحج إليه ولتمنيه أنه كان أحرم به ولأنه النسك المنصوص عليه في كتاب الله ولأن الأمة أجمعت على جوازه بل على استحبابه واختلفوا في غيره على قولين فإن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حين أمرهم بالفسخ إليه بعد الإحرام بالحج فتوقفوا ولأنه من المحال قطعا أن يكون حج قط أفضل من حجة خير القرون وأفضل العالمين مع نبيهم صلى الله عليه وسلم وقد أمرهم كلهم بأن يجعلوها متعة إلا من ساق الهدي فمن المحال أن يكون غير هذا الحج أفضل منه إلا حج من قرن وساق الهدي كما اختاره الله سبحنه لنبيه فهذا هو الذي اختاره الله لنبيه واختار لأصحابه التمتع فأي حج أفضل من هذين ولأنه من المحال أن ينقلهم من النسك الفاضل إلى المفضول المرجوح ولوجوه أخر كثيرة ليس هذا موضعها فرجحان هذا النسك أفضل من البقاء على الإحرام الذين يفوته بالفسخ وقد تبين بهذا بطلان الوجه الثاني.
وأما قولكم: إنه نسك مجبور بالهدي فكلام باطل من وجوه.