إن معنى هذه الجملة الشرطية هو الترغيب في فعل الخير في الحج، أي خير كان يريد به فاعله وجه الله تعالى فإن الله تعالى يجزيه به ويثيبه عليه.
والجملة وإن لم تذكر الجزاء على فعل الخير واكتفت بذكر علم الله تعالى بالخير المفعول فإن لازم علم الله تعالى بالخير الذي يفعله الحاج وهو متلبس بالحج، لازمه الجزاء عليه والمثوبة به. ولعل السر في عدم ذكر الجزاء في هذا التركيب القرآني أن الله تعالى لا يثيب على مجرد فعل الخير، وإنما على خير علم الله من فاعله أنه أراد به وجه الله تعالى وحده، لأن الله تعلى لا يقبل من الأعمال الصالحة إلا ما كان لوجهه خالصاً. ومن هنا وضع علم الله تعالى جزاء لفعل الشرط، واكتفى به عن ذكر الجزاء بالثواب. فليتأمل هذا فإنه مهم.
وهذه الجملة:{وَمَا تَفْعَلُوا} تعتبر قسيمة الجملة القرآنية التي سبقتها وهي فلا رفث ولا فسوق الخ، إذ الأولى فيها تحريم كل ما يخل بعبادة الحج فيفسدها أو يبطل أجرها، وهذه فيها الترغيب في فعل الخيرات من إطعام الطعام وإفشاء السلام، وإغاثة ملهوف، وإرشاد ضال، أو تعليم جاهل.
وباجتناب كل ما يفسد الحج أو يخل به، وفعل الخيرات يتوفر به وصف البر للحج المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم "والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة "