وهذه هي هداية هذه الآية الكريمة: أن يحرم المؤمن بالحج في أشهره التي حددت للإحرام به فيها، فإذا أحرم تجنب لك ما يفسد عليه حجه أو يخل بكماله من سائر المعاصي كترك ركن من أركانه أو إسقاط واجب من واجباته، أو غيرها من فرائض الدين وواجباته أو فعل محظور من محظورات الحج أو غيرها من كل ما حرم الله ورسوله من المعتقدات والأقوال والأفعال. وأقبل مع ذلك على الصالحات يفعلها، والخيرات يسابق إليها ويسارع فيها مدة ما هو متلبس بعبادة الحج حتى يفرغ منها وقد أبرها الله تعلى له وأثابه عليها فغفر ذنوبه وهيأه لدخول جنته كما جاء ذلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "، "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة "..
هذا ولنستشف مع القراء الكرام بعض أسرار هذه العبادة فنقول:
ما أشبه الحج بدعوة رسمية وجهها أحد الملوك إلى خدمه وعبيده بواسطة أحد خواصه والمقربين عنده، ليزوروا بيته، وليحظوا منه بالنوال والعطاء.. ونظراً لتفاوت استعداد المدعوين، واختلاف ديارهم قرباً وبعداً جعل مدة الزيارة هذه شهرين وعشر ليال، ليتسنى الحضور في هذه المدة لكل المدعوين مهما تناءت ديارهم وبعدت أقطارهم.