وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} الآية ١٧٧ من سورة البقرة. هذه الآية التي اخترتها لأجعلها موضوعي في هذه المجلة، ولا أدعي أبداً بأنني قد أحطت علماً بكل ما في هذه الآية، ولو ادعيت ذلك أكون قد قلت شططاً، وطلبت أمراً ليس سهلاً بلوغه، ولنبدأ بغير مقدمات طويلة، سائلاً الله أن يفتح الآن القلوب قبل أن يطلق اللسان بالقول، وأن يجعلنا نأخذ بعد ذلك معناً ما سمعناه، عسى الله برحمته أن يجعل هذا الموسم موسم خير وبركة لكل حجاج بيته، وليس كما قال صلوات الله عليه:"يأتي زمان على الناس من أمتي، يحج أغنياؤهم للنزهة، وأوسطهم للتجارة، وقراؤهم للرياء، وفقراؤهم للمسألة " نعوذ بالله من أن نكون الآن كذلك، ونعوذ بالله من أن نعيش إلى هذا الزمان، إنما نسأل الله أن نكون الآن في حج خالص لوجهه، ولنبدأ في تفسير الآية. {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} ، صحيح أن هذه الآية نزلت لأكثر من سبب، فقد أفهمنا علماء أسباب النزول أنه قد يكون لنزول الآية سبب واحد، وقد تكون لأسباب عدة، ولكن لا أريد أن آخذكم معي في خلافات العلماء، وإنما القصد هو أن نأخذ شيئاً ممسوكاً ميسراً يمكن الاستفادة منه، ولا بد من مقدمة بسيطة جداً ثم بعد ذلك ندخل في تفاصيل الآية، لما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحول القبلة إلى البيت الحرام، خاض اليهود والنصارى، وقالوا ما قالوا، فاليهود أرادوا أن يجعلوا القبلة جهة المغرب، أي جهة بيت المقدس، ودعوني الآن مع الآية، وكثيراً ما تشد الحوادث المؤلمة الإنسان بعيداً عن قصده،