وأشار عليهم زعيمهم كعب بن أسد أن يدخلوا في الإسلام، وذكرهم بما عندهم من العلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فلم يقبلوا مشورته فأشار عليهم أن يخرجوا ليلة السبت والمسلمون آمنون فيبيتوهم؛ فقالوا: لا نحل السبت، ولم يتفقوا على رأي.
ولما اشتد الحصار عليهم أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن أبعث أبا لبابة لنستشيره في أمرنا، فأرسله إليهم.
وأبو لبابة هو رفاعة بن عبد المنذر الأوسي الأنصاري، وكان بنو قريظة حلفاء الأوس.
فلما رأوه قام إليه الرجال وأجهش له النساء والأطفال بالبكاء؛ فرقّ لهم وقالوا له: يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقة؛ يشير بذلك إلى أنهم إن نزلوا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم سيذبحون، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي عن مكانها حتى عرفت أني قد خنت الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه، ولم يأت رسول الله وذهب إلى المسجد وربط نفسه إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على ما صنعت، وعاهد الله ألا يدخل محلة بنى قريظة أبدا ولا يرى في بلد خان الله ورسوله فيه أبدا.