وبتسليم حصني الوطيح والسلالم انتهت مقاومة أهل خيبر وسقطت خيبر كلها في أيدي المسلمين، وغنموا ما كان فيها من الأموال والأسلحة وآلات الحرب.
عزّ على أهل خيبر أن يهاجروا من وطنهم؛ فرجوا رسول الله أن يسمح لهم بالبقاء في بلدهم، وأن يقوموا بزراعة الأرض على أن يكون لهم نصف ثمارها وللمسلمين نصفها، وقالوا له: نحن أعلم بها منكم وأعمر لها؛ فصالحهم رسول الله على المناصفة.
ولما بلغ أهل (فدك) خبر الصلح بين الرسول وبين أهل خيبر عدلوا عما كانوا يعتزمونه من حرب المسلمين، وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالحوه على ما صالح عليه أهل خيبر؛ فأجابهم إلى ذلك، وعقد الصلح بينهم وبين رسول الله من غير حرب؛ فكانت (فدك) خالصة لرسول الله؛ لأنها أخذت صلحا من غير حرب، أما خيبر فإنها كانت غنيمة للمسلمين؛ لأنهم فتحوها عنوة.
ثم توجه النبي في أصحابه إلى وادي القرى؛ فحاصرها حتى استسلم أهلها وأذعنوا للصلح؛ فصالحهم صلى الله عليه وسلم على مثل ما صالح عليه أهل خيبر، وبادر أهل (تيماء) فأعلنوا قبولهم لدفع الجزية من غير حرب ولا حصار.
وبهذا تم إخضاع جميع اليهود في جزيرة العرب وانتهى سلطانهم، ولم تعد لهم أي قوة ولا نفوذ، وأصبح المسلمون آمنين من جهة الشمال إلى حدود الشام، كما غدوا – بعد صلح الحديبية - آمنين من ناحية الجنوب إلى حدود اليمن.