ومن الحجج الدامغة لافتراء هؤلاء المتعصبين ما رواه المؤرخون من أن النبي عليه الصلاة والسلام كان قد استنفر من حوله من الأعراب ممن شهد الحديبية للغزو؛ فجاءه جماعة من الذين تخلفوا عن الحديبية ليخرجوا معه إلى خيبر طمعا في الغنيمة؛ فقال لهم:"لا تخرجوا معي إلا راغبين في الجهاد، أما الغنيمة فلا".
ثم إنّ رِضى النبي صلى الله عليه وسلم ببقاء اليهود في خيبر - بعد أن ألقوا سلاحهم وأمن المسلمون جانبهم وترك أرضها تحت أيديهم يمنحونها وينمون نخيلها وأشجارها، على أن لهم نصف المحصول - يثبت بما لا يحتمل الشك أن الدافع للغزو لم يكن الرغبة في الحصول على الأموال، كما يزعم مرجليوث ومن نحا نحوه؛ لأن الرغبة في الحصول على الأموال كانت تقتضي الاستئثار بها كلها من دون اليهود.
إن فيما ترك لليهود من نصف محصول أرض خيبر ما يكفيهم ويسد حاجتهم، أما أن يترك المحصول كله لهم - يلوّحون به لقبائل العرب تارة وليهود تيماء وفدك ووادي القرى تارة أخرى؛ ليستعدوهم به على المسلمين ويغروهم به لغزو المدينة وتهديد أمنها - فلا..
ثم إن المسلمين قد ملكوا هذه الأرض بحق الفتح؛ فليس كثيرا عليهم نصف محصولها الذي كان يبذل لإغراء الأعداء بحربهم، ولو كانت الرغبة في الحصول على المال هي التي دفعت المسلمين إلى غزو خيبر - كما يزعم المتعصبون - لاستولوا على الأرض واستأثروا بكل خيراتها من دون اليهود.
وفي الحوادث التالية ما يشهد بعدالة النبي صلى الله عليه وسلم وعفته عن أموال اليهود: