للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمع أتباعه ومرديه، وقرأ عليهم الرسالة، ثم راح يتشاور لاختيار من يثق به لتحقيق رغبة إمامه؛ فاتجهت الأنظار إلى عبد الله؛ لما عرف عنه من محافظته على المبادئ السلفية، وأخذ من الرسول الأعظم والصحابة والتابعين بلا تأويل ولا ابتداع، ومواظبته على الصلاة وفي جماعة، ومن قوته في الخطابة وقدرته على المناقشة وشدته فلا تأخذه في الحق لومة لائم.

واستسلم عبد الله لتفكير عميق؛ فإما أن يحقق مما يصبو إليه وما عاش من أجله؛ أمة متحدة متماسكة تستمد تشريعها من كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه الصحابة والتابعين، وإلا فبطن الأرض خير من ظهرها.

وأمسك يحي بن إبراهيم بزمام جمله حتى غابا عن القوم.

في الطريق إلى جدالة:

كان الركب يتوقف في الطريق للصلاة، وعبد الله يؤمن إيمانا جازما أن أوّل الطريق للمسلم هو المحافظة على الصلاة، وفي أول وقتها لا يشغله شاغل أو تأويل حتى يؤخرها؛ فكان إذا دخل الوقت وقف ركبه ليؤذن بنفسه ويدعو الناس فيجتمعون، فإذا ما أقيمت الصلاة راح ينظم الصفوف للجماعة، فإذا ما انتهت الصلاة قام ليعظ الناس ويذكرهم بما يجب عليهم نحو خالقهم، وليعلمهم أصول الدين بلغة عربية سهلة وبربرية واضحة يفهمها الجميع؛ فيدعو الناس إلى الجهاد وإعلاء كلمة الله.

كان الزعيم يحي بن إبراهيم الجدالي يقدم الداعية إلى الحاضرين قائلا: هذا عبد الله بن ياسين محي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، جاء ليعلمنا أمور ديننا ويدعونا إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.