قال الشيخ عطية ص ٥٧٧: "ولنتصور حقيقة هذه المسألة ينبغي أن نعلم أولا أن البحث فيها له ثلاث حالات:
الأولى: شد الرحال إلى السجد النبوي للزيارة وهذا مجمع عليه.
الثانية: زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم من قريب والسلام عليه بدون شد الرحال، وهذه أيضا مجمع عليها.
الثالثة: شد الرحال للزيارة فقط، وهذه الحال هي محل البحث ومثار النقاش السابق.
مناقشة:
ونحن نناقش ففضيلة الشيخ هنا في فقرة واحدة من هذا الكلام الذي نقلناه هنا من كتابه، وهى دعواه بأن ما عبر عنه هو (بالحالة الثانية) مجمع عليه، فنسأل فضيلته متى انعقد هذا الإجماع؟.. ومن هم الذين أجمعوا على ذلك؟.. وما دليلك على حصول هذا الإجماع؟..
وهل انعقد هذا الإجماع زمن الصحابة؟.. أم زمن التابعين؟.. أم متى كان ذلك؟..ومن الذين أجمعوا على هذا الأمر؟.. هل هم أهل الاجتهاد من أمة محمد عليه السلام أم غيرهم؟.. ومن نقل إجماعهم؟.. هل علم بهذا الإجماع الإمام مالك- رحمه الله- ومع ذلك يكره أن يقول الإنسان: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟.. وهل علم به علي بن الحسين والحسن بن الحسن إماما أهل البيت النبوي في زمانهما؟ ... ومع ذلك ينهيان عن التردد على القبر الشريف.. وهل علم بهذا الإجماع قاضى المدينة سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو أحد أئمة التابعين وأحد قضاة المدينة وأحد فقهائها وسكانها، وكذلك من ذكروا قبله نشأوا في بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعايشوا وتلقوا العلم فيها بجوار قبره الشريف وشاهدوا بأعينهم عمل الأئمة من التابعين وتابعيهم ممن يقيمون بالمدينة، ومن الوافدين إليها من أقطار الأرض، وماذا كانوا يعملون.
فعلى كل حال هم أعلم ممن يدعى الإجماع في هذه المسألة من غير أن يقدم دليلا يثبت صحة دعواه.