أما إن كان المراد به جمهور العلماء من أهل القرن الأول أو الثاني أو الثالث، أو الملتزمين بالسنة من العلماء إلى يومنا هذا فالنقل غلط والدعوى مردودة، بل الصحيح العكس على طول الخط؛ ففي القرون الثلاثة لم يوجد من يقول بجواز شد الرحال لزيارة القبور من العلماء المعتبرين، وبعد الثلاثة وجد من يرى ذلك، ولكن ممن شاركوا في الابتداع في الدين ومن لا يتقيدون بالنصوص الشرعية، ولا يميزون بين الحديث الصحيح من غيره، أمثال أبي حامد الغزالي، ومع الأيام استقرت هذه البدعة - بل المعصية - حتى صارت عند كثير من المنتسبين للعلم أمرا واقعا لا يجوز الجدال فيه، بل يساء الظن بمن ينكره أو يتردد في الجزم بمشروعيته؛ فأولوا الأحاديث الواردة في النهي منه وما أثر عن الأئمة من إنكاره كلما احتج عليهم المتمسكون بالسنة بحديث أو قول إمام، كقولهم: إن مالكا كره اللفظ فقط، وإلا فزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال، دون أن يقدموا أدنى دليل من السنة على صحة ما زعموا.