٨- ضمن الله سبحانه وتعالى لآدم إن تاب إليه وأناب أن يعيده إليها، كما روى المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} ، قال: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى، قال: أي ربّ ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى، قال: أي رب ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى، قال: أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى؛ فهو قوله تعالى:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} .
فدل هذا على أن الجنة التي أخرج منها هي التي سيعود إليها يوم القيامة وهي جنة الخلد.
حجج الذين قالوا إنها جنة في الأرض:
١- أخبر الله سبحانه على لسان جميع رسله أن جنة الخلد إنما يكون الدخول إليها يوم القيامة، ولم يأت زمن دخولها بعد.
٢- إن الله تعالى وصفها لنا في كتابه الكريم بصفاتها، ومحال أن يصف الله سبحانه وتعالى شيئا بصفات ثم يكون ذلك لغير تلك الصفة التي وصفه بها، قالوا: فوجدنا الله تعالى وصف الجنة التي أعدت للمتقين بأنها دار المقامة فمن دخلها أقام فيها ولم يقم آدم بالجنة التي دخلها، ووصفها بأنها دار الخلد ولم يخلد آدم فيها، ووصفها كذلك بأنها دار سلامة مطلقة لا دار ابتلاء وامتحان وقد ابتلي آدم فيها بأعظم الابتلاء، ووصفها بأنها دار لا يعصى الله فيها وقد عصى آدم ربه في جنته التي دخلها، ووصفها بأنها دار لا خوف فيها ولا حزن وقد حصل للأبوين من الخوف والحزن ما حصل.
٣- كذلك نجد من أوصاف جنة الخلد أنها دار ثواب وجزاء لا دار تكليف وأمر ونهي، وقد كلف آدم قي جنته التي دخلها مما يدل على أنها ليست هي التي أعدها الله لعباده المؤمنين يوم القيامة.