٤- حرم الله تعالى على إبليس الجنة التي وعد الله عباده المتقين، فكيف دخلها وهو الملعون المطرود من رحمة الله، بل لقد لغا فيها والجنة لا لغو فيها ولا تأثيم، كما أنه كذب فيها وحلف على كذبه، والله تعالى سمى جنته مقعد صدق؛ فكيف دخل هذا اللعين الجنة حتى فتن آدم عليه السلام ووسوس له، وهذه الوسوسة إما أن تكون في قلبه، وإما أن تكون في أذنه، وعلى كلا التقديرين فكيف توصل هذا الملعون إلى دار المتقين ومحل القدس.
٥- يقول الله تعالى:{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} ، ولم يقل إني جاعل في جنة المأوى، فقالت الملائكة:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} ، ومحال أن يكون ذلك في جنة المأوى.
٦- لا نزاع في أن الله تعالى خلق آدم في الأرض ومن طينتها، ولم يذكر في موضع واحد أصلا أنه نقله إلى السماء بعد ذلك، ولو كان قد نقله بعد ذلك لكان هذا أولى بالذكر؛ لأنه من أعظم الآيات ومن أعظم النعم عليه؛ فإنه كان معراجاً ببدنه وروحه من الأرض إلى فوق السماوات.
٧- أخبر الله تعالى عن إبليس أنه قال لآدم:{هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} ؛ فإن كان الله تعالى قد أسكن آدم جنة الخلد والملك الذي لا يبلى فكيف لم يرد عليه، ويقول له: كيف تدلني على شيء أنا فيه، وقد أعطيته، ولم يكن الله سبحانه وتعالى قد أخبر آدم إذ اسكنه الجنة أنه فيها من الخالدين، ولو علم أنها دار الخلد لما ركن إلى قول إبليس، ولا مال إلى نصيحته، ولكنه لما كان في غير دار خلود غرّه بما أطمعه فيه من الخلد.