٨- قال منذر: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم عليه السلام نام في جنته وجنة الخلد لا نوم فيها بالنص وإجماع المسلمين؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أينام أهل الجنة في الجنة؟ قال:"لا؛ النوم أخو الموت، والنوم وفاة، وقد نطق به القرآن، والوفاة تقلب أحوال ودار السلام مسلمة من تتقلب الأحوال والنائم ميت أو كالميت".
٩- لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام أعلمه أن له عمراً محددا وأجلا معلوماً ينتهي إليه، وأنه لم يخلقه للبقاء، كما روى الترمذي في جامعه من حديث أبي هريرة؛ فإنه صريح في أن آدم عليه السلام لم يخلق في دار البقاء التي لا يموت من دخلها، وإنما خلق في دار الفناء التي جعل الله تعالى لها ولسكانها أجلا معلوماً وفيها أسكن.
فإن قيل: فإذا كان آدم عليه السلام قد علم أن له عمرا مقدرا وأجلا ينتهي إليه، وأنه ليس من الخالدين؛ فكيف لم يعلم كذب إبليس في قوله:{هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} ، وقوله:{أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} ؟.
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن الخلد لا يستلزم الدوام والبقاء، بل هو المكث الطويل.
الثاني: أن إبليس لما حلف له وغرّه وأطمعه في الخلود نسي ما قدر له من عمره.
قالوا: فإذا جمع ذلك بعضه إلى بعض، وفكر فيه المنصف الذي رفع له علم الدليل فشمّر إليه، وربا بنفسه عن حضيض التقليد تبين له الصواب.
فإذا قلنا لأرباب هذا القول فما هو ردّكم على الحجج القوية التي أوردها أصحاب القول الأول للذاهبين إلى أنها جنة الخلد التي وعد الله عباده المؤمنين؟ تجد هم يردون عليهم بالآتي: