وانصرف الصحابة إلى القرآن جمعا له في الصدور والسطور، واشتغالهم به عن كل شئ سواه كان جزءا من التوجيه النبوي الحكيم لهؤلاء التلامذة الخالدين من الأميين والكاتبين، وهو توجيه متدرج مع الحياة والأحياء متطور مع الأحداث التي تعاقبت على المجتمع الإسلامي، فما كان لهذا التوجيه أن يجمد على صورة واحدة، بل روعي فيه الزمان، وروعيت الأشخاص.
فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كتابة الأحاديث أول نزول الوحي مخافة التباس أقواله وشروحه وسيرته بالقرآن، ولا سيما إذا كتب هذا كله في صحيفة واحدة مع القرآن. [٢٤]
وقال:"لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"[٢٥] .
الصحف المكتوبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
ثم أذن بذلك إذنا عاما حين نزل أكثر الوحي وحفظه الكثيرون، وأمن اختلاطه بسواه، فقال عليه الصلاة والسلام:"قيدوا العلم بالكتاب"[٢٦] .
من المؤكد أن بعض الصحابة كتبوا طائفة من الأحاديث في حياته صلى الله عليه وسلم، ومنهم من كتبها بإذن خاص من النبي صلى الله عليه وسلم.
من تلك الصحف: صحيفة سمرة بن جندب (٦٠هـ) ، كان قد جمع أحاديث كثيرة في نسخة كبيرة ورثها ابنه سليمان ورواها عنه، وهي التي يقول فيها ابن سيرين: في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير.