يقيمون لتحقيق أغراضهم المستشفيات المجانية وينفقون الأموال الطائلة في الترغيب في المسيحية بمختلف الطرق, وفي الطعن في الإسلام بكل افتراء، ولهم في إفريقيا وخاصة في وسطها ومجاهلها مجال فسيح, وقد ساعدهم في مهمتهم الاستعمار الخبيث الذي منيت به تلك الأصقاع, فلم يكن استعماراً إقليمياً سياسياً اقتصادياً فحسب وإنما كان مع كل ذلك استعماراً دينياً فظيعاً.
وقد بقي ولا يزال أهل تلك الأصقاع يعانون آثاره حتى بعد الاستقلال وخلع نير الاستعمار، ولدينا من ذلك صادق الأخبار.
هذه دسيسة مسيحية ظاهرة.
وهناك دسيسة أخرى جميلة الظاهر، قبيحة الباطن هي دسيسة الدعوى العامة إلى تحديد النسل أو تنظيمه كما يقولون في البلاد الإسلامية، وقد دعا إليها كثير، وخاضت فيها الصحف مراراً، ولا تزال موضع الحديث ومحاولة التنفيذ، وإليكم طرفاً من تاريخها.
نبتت هذه الفكرة بادئ بدء من المسيحيين حتى خافوا كثرة النسل في المسلمين بسبب جواز تعدد الزوجات, وشريعة الإسلام على خلاف ما هو عند المسيحيين في تحريمه, وحسبوا لكثرة المسلمين حسابها لما فيها من القوة والعزة والغلبة، وقديماً قيل:"إنما العزة للكاثر"؛ ولأنها سبب العمل لرفع نير الاستعمار والتخلص من استغلال الأجنبي لموارد الرزق في البلاد, وبقاء البلاد لأهلها أرضاً وغلة وثمرات, فأشاعوا في طول البلاد وعرضها أن كثرة التناسل ستؤدي بالشعوب وتسبب القحط الماحق عما قريب, وبالتالي الهلاك والفناء بعد الفناء, بحجة أن حاصلات البلاد لا تكفي لمؤن أهلها, والعلاج لذلك تحديد النسل أو تنظيمه حتى لا يتزايد وينمو, وبدأوا وأعادوا في ذلك, وانتحلوا إحصاءات وبينات في ذلك لا تحمل في ظاهرها إلا الوجه الاقتصادي.