واغتر بذلك بعض المسلمين فرسموا خططهم وأخذوا يكتبون في ذلك, وألقى بعض المتعلمين بدلالهم فيه حتى قاسه بعضهم على العزل المعروف, وقال بجوازه شرعاً, فجوّز التحديد أيضاً قياساً عليه.
وقد خضنا عباب هذا الموضوع منذ سنين, وكتبنا فيه في الصحف وغيرها، وكشفنا عن الباعث على إثارته, وأنّ حكم العزل مختلف فيه بين الأئمة كما ذكره الإمام ابن القيم في زاد المعاد؛ فمنعه فريق كثير, وأجازه بعضهم بشرط رضا الزوجة الحرة به، وقلنا إنه ضرر اجتماعي؛ لأن مصلحة المسلمين في كثرتهم لمقاومة الاستغلال والاحتلال, وللجهاد في سبيل الله, وفي سبيل إنقاذ البلاد, وهاهي الحروب الطاحنة تفني العديد من الأنفس فما لم تكن في الأمة عوض عنهم تذل وتخضع.
على أن الأرزاق بيد الخلاق، وليس الرزق مقصوراً على الزراعة ولا على الإنتاج، وهناك الصناعات والتجارات والعالم كله رقعة واحدة يستفيد بعضهم من بعض، وكلٌّ ينتفع بما عند الآخر بطريق التبادل, والدعوى العامة لتحديد النسل خطر على المسلمين، ولا تجوز شرعاً، فقد ورد أنّ الشارع يباهي بأمته وكثرتها الأمم الأخرى يوم القيامة، وأثبتنا ذلك في فتاوينا المطبوعة بمصر، وأهبنا بالمسلمين أن يكفوا عن هذه الدعوة العامة والدعاية الخطيرة.
وأخيراً حذّرنا ونحذر من هذه الدسيسة الخبيثة الأجنبية، والله المستعان.
والدول المسيحية بأسرها لا تحمل للإسلام والمسلمين إلا أشد البغض, وتدبر لهم أسوأ التدبير، علم ذلك من علمه وجهله من جهله.
وبهذه المناسبة نقول: إن على المسلمين العمل الجدي على الاكتفاء الذاتي، في كل أمورهم عما بأيدي تلك الدول, من صناعات وعلوم وغيرها, حتى يقفوا معهم موقف الند للند، وبذلك يخشون بأس المسلمين ويحسبون لهم ألف حساب.
ولنقتصر في القول في الصهيونية والمسيحية على ما قدمنا كأمثلة ظاهرة على ما يحبكون للمسلمين من تدبير وسوء.