للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا يجب على أهل الحق إذا ردوا على أهل الباطل أن يفصلوا وأن ينصفوا؛ فيقولوا لهم: قلتم كذا وقلتم كذا؛ فنحن معكم في هذا ولسنا معكم في هذا، نحن معكم في الحق الذي قلتموه، كالإيمان بالقدر، ولسنا معكم بأن العبد مجبور، بل له اختيار ومشيئة، ويقال للمعتزلة وأشباههم: نحن معكم في أن العبد له مشيئة واختار، ولكن لسنا معكم في تجهيل الله سبحانه وتعالى، وإنكار علمه ومشيئته.

وهكذا يقال للشيعة: نحن معكم في محبة أهل البيت ومحبة علي رضي الله عنه وأرضاه؛ فإنه ومن سار على نهجه على هدى، وإنه من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أفضلهم بعد الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعا, ولكن لسنا معكم في أنه معصوم، وأنه الخليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قبله ثلاثة، ولسنا معكم في أنه يعبد من دون الله ويستغاث به وينذر له ونحو ذلك، لسنا معكم في هذا لأنكم مخطئون في هذا خطأ عظيما، لكن نحن معكم في محبة أهل البيت الملتزمين لشريعة الله والترضي عنهم، والإيمان بأنهم من خيرة عباد الله؛ عملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في حديث زيد بن أرقم: "أذكركم الله في أهل بيتي! أذكركم الله في أهل بيتي! ".

وهكذا بقية الطوائف؛ نأخذ ما معهم من الحق ونقر لهم به، ونرد عليهم باطلهم بالأدلة النقلية والعقلية.

وبهذا يتضح أن هذه الأصول الستة هي أصول الدين، وهي الجامعة لكل ما أخبر الله عنه؛ فمن استقام عليها قولا وعملا؛ فقد استكمل الإيمان وسلم من النفاق؛ لأن هذه الأصول تقتضي من المؤمن بها أداء ما أوجب الله عليه له ولعباده، وتقتضي تصديقه بكل ما أخبر الله به في كتابه أو أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح من السنة، ومن جحدها أو جحد شيئا منها لم يكن مؤمنا.