ولو أن الإنسان ذا العقل السليم يمعن النظر في آيات الله المنبثة في السموات والأرض، لخر ساجدا مقرا أن هذا الكون لابد له من خالق عليم قادر حكيم، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا تأخذه سنة ولا نوم، وإلا اضطراب هذا الكون، وفسد سيره، واختل نظامه، ولوجدنا السماء تارة تهبط وتارة تعلو، ولوجدنا الشمس تصعد فيهلك الخلق من البرودة، وتارة تدنو فيهلك الخلق من الحرارة، ولوجدنا البحار تفيض مياهها تارة وتفيض أخرى فتقضي على الحياة على سطح الأرض، ولكنا نجد الكون كله يسير في دقة ونظام، وسنة لا تتبدل، ولن تجد لسنة الله تبديلا.. وصدق ربنا الكريم:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ؟.
ورغم كل هذه الآيات الناطقات المقرات بالخلاق العظيم، رأينا في كل عصر - خاصة العصر الحديث - من يتجرأ بالتصريح بإنكاره، معلنا أن الطبيعة هي التي خلقت وتخلق كل شئ.
وإن هناك قوما ينكرون خالق الكون جل وعلا، ويعتقدون أن الطبيعة هي التي طبعت نفسها، وهي التي خلقت كل شيء، ومن ثم لا يؤمنون بدين ولا يؤمنون برسل ولا برسالات، ومن هؤلاء الشيوعيون الملاحدة الذين يقولون:"إن الدين هو أفيون الشعوب"، ويقولون:"إن الدين هو الغذاء الخادع للضعفاء؛ لأنه يدعوهم إلى احتمال المظالم في الوقت الذي لا يتمكن من إزالتها"، ويقولون:"إن الدين هو خمرة الشعوب يروضها على الفقر والمسكنة، ويلهيها بما يغريها من نعيم الدنيا؛ ليستأثر به قادة المجتمع ويغتصبوا منه علانية أو يسرقوا منه خلسة ما يطيب لهم أن يغتصبوه أو يسرقوه" ...