للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يؤمن هؤلاء أعداء الدين بوجود الخالق المغيّب عنهم الذي لا تراه أعينهم ولا تحسه حواسهم، بل يؤمنون بالماديات المشاهدة المحسوسة التي لا سبيل إلى الشك في وجودها.

ولقد تداولت هذه الأفكار في العصر الحاضر في العالم، وتسربت إلى قلوب طائفة من المسلمين - خاصة شبابهم - في مختلف البلاد؛ فاعتنقوها وآثروا مبادئها العفنة على مبادئ الإسلام العظيمة، وسبب ذلك أن الشيوعية وما شاكلها من المبادئ الانحلالية الملحدة الهدامة تحطم كل القيم، وتدمر القيود، وتتخطى كشف الحدود؛ فلا يلتزم الفرد فيها بأي رباط يربطه بخالقه؛ لأنه لا يؤمن به، وينفلت انفلاتا لا يعول فيه على شئ، ولا يرعى فيه أحداً؛ فيرتكب كل منكرة ويأتي كل فحش، ويمارس كل خبث، ويطلق العنان لشهوات نفسه دون قيود، ويرى في حدود الدين أغلالا يكاد يختنق بها، وقد أشار الله تعالى إلى ظلم من يتخطى حدوده التي وضعها لصالح عباده؛ فقال تعالى: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} - الطلاق -، ومن ثم لا ينبغي للإنسان أن يتعدى المعالم التي وضعها الله تعالى فرقانا بين الحلال والحرام، وإلا أورد نفسه موارد المهالك والمدمرة.

وإن السبب الرئيسي في تقبل بعض المسلمين وعلى الأخص شبابهم تلك المبادئ الهدامة هو خلو قلوبهم من عقيدة الإسلام الصحيحة، ولو أن قلوبهم قد امتلأت بهذه العقيدة لطردت كل فكر خبيث مدمر، ولفظت كل مبدأ هدام.

وإن الذين يؤمنون بتلك المبادئ الإلحادية يحملون سؤالا يرفعونه دائما بين أيديهم، يواجهون به كل من يحاول أن يعرض عليهم الإسلام، إنهم يسألون فيقولون: "ما الدليل العقلي على وجود الله؟ "، ويظنون بهذا السؤال أنهم أعجزوا من وجهوه إليه وأفحموه.