وفي قصة الغرانيق لا يتردد الكاتب في القطع بأنها أكذوبة دسها أعداء الإسلام للإساءة إلى مقام صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام. وكيف ينطق الوحي أو النبي صلى الله عليه وسلم بمدح الأصنام التي ما بعث إلا لهدمها، فيقول في اللات والعرى ومناة الثالثة الأخرى:"تلك الغرانيق العلى، وإن شفا عتهن لترتجى"كما تزعم تلك الرواية المدسوسة أيضا أنه تكلم بذلك في نادي قومه، فرضوا بما تكلم به، فلما أمسى أتاه جبريل فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين قال جبريل عليه السلام:"ما جئتك بهاتين! ". فما زال مغموما حتى نزل عليه قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِه..} الخ. وفي الحوار التالي يدلل المؤلف على بطلان هذه الرواية:
التلميذ: إني إنكرها كلها، إنني أجد فيها إساءة إلى مقام صاحب الرسالة.
الشيخ: وما حجتك في ذلك؟
التلميذ: معارضتها للآيات التي تؤكد عصمة الرسول من كيد الشيطان وحسبنا منها قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} .
الشيخ: بخ، بخ!. هذا يا بني إدراك الفطرة الصافية، فأضف إليه ما قرره جهابذة الحديث من قدماء العلماء ومحدثيهم أن القصة باطلة موضوعة..
التلميذ: باطلة موضوعة؟!
الشيخ: بل إن ابن خزيمة صاحب الحديث الصحيح المعروف يقول: "إنها من وضع الزنادقة!. (وبعد أن يشير المؤلف إلى أن بعض متأخري المفسرين ينقلون الروايات عن المتقدمين دون مناقشة أو تحقيق يعود فيقول) :
التلميذ: ثق يا بني أن مثل هذا السؤال قد تردد في أفواه الجميع سواء من صدق القصة ومن كذبها..ولكن الوهم إنما جاء المصدقين من براعة الحبكة في تأليف القصة وطرق روايتها!