وهذا من نوح عليه السلام تلوين لدعوته، وبحث لها عن كل ما يمكنها من الذيوع وا لإ نتشار، ثم الفوز وا لإ نتصار، ولنستمع إليه وهو يعرض شكاته ويرفعها إلى ربه تعالى ليعذره وينصره:{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلا فِرَاراً وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [٥] وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} . فمن خلال هذه الشكاة التي رفعها نوح إلى ربه تتجلى حقيقة دعوة نوح عليه السلام وأنه كان ذا بصيرة في دعوته وعلم بها، يلون أساليبها، ويتحين الفرص لإبلاغها وإنجاحها يعتمد في دعوته على أسلوب الترغيب طورا ً والترهيب طوراً آخر، ليأخذ النفوس بالحكمة ويحذو بها إلى محيط الدعوة بالرغبة أو الرهبة، هذا شأن الداعية الحكيم في دعوته العليم بها البصير بمتطلبات نجاحها.