للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما عرف فرعون مضمون الرسالة وما تحمله من دعوة صريحة إلى الإيمان بالله وحده والكفر بكل الطواغيت التي تعبد من دون الله، ما تردد فرعون اللعين في تهدد موسى بالسجن مرة وبالقتل أخرى، إذ قال: لئن اتخذت إلها ً غيري لأجعلنك من المسجونين. وقال لرجال دولته: ذروني أقتل موسى وليدع ربه.... فمثل هذا التهديد والوعيد من طاغية كفرعون من شأنه أن يرهب ويخيف ويجعل المطالب بالحق يتخلى عن مطالبة بعذر الضعف والعجز لكن موسى الشجاع لم يفت ذلك من عضده، ولم يفل من قوة عزمه فقابل تهديد فرعون ووعيده بشجاعة لا نظير لها، إذ لم يزد أن قال إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب. فقرر التوحيد وأبطل الشرك وذم الكبر والكفر وأهلهما. فهذا موقف بطولي نادر قد وقفه موسى يسمع فيه رعد التهديد ويرى برق الوعيد، فلم يضعف لدلك ولم يهن فكان مظهرا ً من مظاهر شجاعة موسى النادرة الفذة.

وموقف آخر يتجلى في تقديمه عليه والسلام السحرة عليه في إلقاء حبالهم وعصيهم التي استحالت في اللحظة الأولى إلى حيات وثعابين تملأ ساحة العرض الأمر الذي أوجس منه خوفه في نفسه. فأن تقديم موسى لخصمه عليه في إظهار قوته والضرب بها أمامه لمظهر عظيم من مظاهر الشجاعة القلبية والعقلية معا ً.

وموقف ثالث وإن ذكرنا له فيه جانبين عظيمين فيهما نجدته عليه السلام وقوته، فإن اندفاعته القوية نحو الجبار القبطي وهو يصاول الإسرائيلي الضعيف المستضعف، وأخذه إياه بتلك القوة وبدون تردد ولا تهيب حتى أزهق روحه لمظهر جلي لشجاعة موسى القلبية التي هي زينة الرجال وحلية الأبطال.