للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا عن شجاعته أما عن قوة حجته فحسبنا في تجلية ذلك وبيانه أن نسمع لهذا الحوار الكبير الذي دار بين موسى النبي الكليم وبين خصمه فرعون الجبار العنيد أرسل الله تعالى موسى وأخاه هارون عليهما السلام برسالة الحق إلى فرعون وم لا ئه، فقا لا: إنا رسول رب العالمين: أن أرسل معنا بني إسرائيل، فرد فرعون على هذا الطلب بقوله: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} ؟؟؟ يريد اللعين بهذا الخطاب: القدح في رسالة موسى واستبعاد أن يكون رسولا ً حيث ذكر بفضله عليه في قصره، وبقتله القبطي وهي جناية قتل تقعد بصاحبها عن شرف الرسالة فرد موسى على الفور وفي شجاعة نادرة قائلا ً: {فَعَلْتُهَا إِذاً} - أي إذ ذلك وأنا ذلك من الظالمين أي الجاهلين , {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائيلَ} .

وواصل فرعون رده على قول موسى وهارون أنا رسول رب العالمين قائلا ً ُ: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، فأجاب موسى بقوله: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} . فالتفت فرعون إلى رجاله قائلا ً: كالمتعجب المستخف المكذب لقوله الحق: {أَلا تَسْتَمِعُونَ} ؟ وشعر موسى بمكر فرعون واستهتار بمو قف هـ منه ورسالته فقال: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} . ولما خاف فرعون على رجاله أن يكون قول موسى الحق قد زلزلهم، وحرك كامن الفطرة في نفوسهم فيكفروا به ويؤمنوا بالله وحده قال في أسلوب ماكر مضلل تنفيرا ً لقلوب م لا ئه من قول موسى حتى لا يعتبروه ويعتدوا به: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} .