للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها والختم لأنها ما أصبحت مرجوة ل لإ يمان، وهذا كقول نوح عليه السلام {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِراً كَفَّاراً} .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضبا ً لله ولدينه على فرعون وملئه ". أقول ومثل هذا لا يكون إلا من قوة الإخلاص الذي عرف به الكليم عليه السلام.

وفي مثل قوله: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} . قال هذا لقومه بعد أن طلبوا إليه أن يجعل لهم صنما ً يعبدونه، إذ مروا بقوم يعكفون على أصنام لهم، فاستهواهم ذلك المنظر، وأثر في نفوسهم المريضة فطلبوا بأن يكون لهم إلها ً كما لأولئك المشركين آلهة، ونسوا الله تعالى وقد نجاهم من عدوهم، فلما قالوا ذلك غضب موسى عليهم وصاح في وجوههم قائلا ً: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ، إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها ً وهو فضلكم على العالمين، فغضبه عليه السلام وشدة إنكاره على قومه ما أرادوه من الشرك مظهر كبير من مظاهر إخلاص موسى وقوته في ذلك.

هذا وتوكل موسى على الله تعالى في كل شأنه ظاهرة قوية في حياة موسى عليه السلام، وصفة بارز ة في حياته غالية عليها: إن خروجه من أرض مصر وحيدا ً وهو شاب عاش في الترف وترب ى في النعيم فلولا توكله على ربه لما هاجر تلك الهجرة التي لم يتوفر لها سبب واحد من أسبابها سوى توكله على ربه عز وجل وتعاقده مع شعيب في ديار الغربة يقيم عشر حج ج يرعى فيها الغنم ويطلب العلم، ويتربى فيها على الكمالات النفسية مظهر من مظاهر التوكل القو ي عند موسى عليه السلام.