وبعد أن يشير المؤلف إلى نقد المحققين للخبر، وحكم ابن كثير بعدم صحته، يوضح الحقيقة الناصعة وهي أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعم عليه النبي بالحرية، لما تزوج زينب كرهته، فلما استيأس منها ومن إمكان استمرار الحياة الزوجية معها أراد أن يطلقها رغم الحاح النبي عليه "أمسك عليك زوجك.." فلما طلقها فرض لله على رسوله الزواج منها ليهدم بذلك عرفا جاهليا كان يقضي باعتبار المتبني ابنا شرعيا تحرم مطلقته على متبنيه لأنها في نظرهم زوجة ابنه: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} .. والذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه هو علمه بما قدر الله له من زواجها، إذ كان ربه قد أوحى إليه بذلك، وهذا ما تؤكده أوثق مصادر السنة..الخ
ويصور المؤلف حكم الطواغيت، الذين يفسدون ضمائر العامة بعد إفساد معاني الكلمات، فيسمون الظلم عدلا، والباطل حقا, والكفر تقدميه، والدعوة إلى الإسلام خيانة ورجعية (راجع: مكر الليل والنهار) ويعرض الإخوة الإسلامية في المجتمع الذي أقامه الإسلام، بعد تقويض الروابط الجاهلية، التي تعتبر القرابة الدموية هي ركيزة المجتمع، منددا بالمنحرفين عن أخوة الإسلام إلى الدعوات العصبية والمذاهب المستوردة التي تفتت القوى وتمزق الأرحام.. جاهلية جديدة يدفعون إليها شعوبهم في الطريق المعاكس تماما لأخوة الإسلام..