إذ استوت كلمتا (مقل وقنوع) هنا في التنكير بل في الإشتقاق مع عدم وجود قرينة تعين خبرية المقدم وابتدائية المؤخر، أضف إلى ذلك أن رفع كلمة (قنوع) الذي أراده الشيخ أبو حيان يمكن تحققه أيضاً بإعراب (مقل) مبتدأ و (قنوع) خبره إن كانت كلمة مقل باقية على مالها في ضبط الشيخ أبي حيان بحب ما في هذا السياق القلق.
لكل ما ذكرنا نقترح أن السياق المنسوب إلى شيخ أبي حيان في هذا النص فيه ما لا تستقيم معه الرواية ولا يسوغ معه الإعراب. وليس معنا الآن من كتب الشيخ أبي حيان ما نلتمس فيه تقويم هذه الرواية. ومما يشار إليه هنا أن محقق وشارح (همع الهوامع في شرح جمع الجوامع للإمام السيوطي) نقل أول هذا النص في هامشه حيث قال [٨] :"وفي العيني: وضبط الشيخ أبو حيان مقل قنوع برفع قنوع على الإبتداء ومقل خبره مقدماً "هذا والأقرب عندنا أن تكون رواية الشيخ أبي حيان للبيت السابق هكذا:
ليس ينفك ذا غنى واعتزاز
كل ذي عفة بقلٍّ قنوع
كما تستشف من النص الذي صدرنا به هذا الجزء إذ معها يستقيم السياق لوجود باء الجر في كلمة (بِقلٍّ) ولاستقامة ضبط الكلمة ومعناها فهي بضم القاف وتشديد اللام بمعنى القليل، وهذا ما ورد عن كلمة (قلّ) في معاجم اللغة مادة [٩] قلّ؛ وفوق هذا عسى الإعراب الذي اقترحه الشيخ أبو حيان أن يتلئب معها والله تعلى أعلم.
الموضع الثالث
ورد الحديث عن الشاهد [١٠] من شواهد ابن عقيل:
خالي لأنت ومن جرير خاله
ينل العلا ويكرم الأخوالا
قول الشيخ محمد محيي الدين رحمه الله تعالى [١١] :
" (الأخوالا) قال العيني: هو مفعول به وهو بعيد كل البعد، ولا يسوغ إلا على أن يكون يكرم مضارع أكرم مبنيّاً للمجهول، والأوْلى أن يكون قوله (يكرم) مضارع كرم ويكون قوله (الأخوالا) تمييزاً الخ ".