هكذا ننتهي من حديثنا عن الطهارة بإيجاز، وأرجو ألا يكون مخلاً، لننتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الصلاة، وما قامت به السنة من البيان والإيضاح والتفصيل، تفصيلاً لم يرد مثله في الكتاب فهاك البيان:
إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، ورد ذكرها في القرآن هكذا:{أَقِيمُوا الصَّلاةَ} فكيف إقامتها يا ترى؟!! فالسنة وحدها هي التي تجيب على هذا السؤال الهام، وقد علمنا في دراسة السنة أن الله أوجب الصلاة على رسوله وأتباعه، ليلة الإسراء والمعراج، حين عرج به عليه الصلاة والسلام، إلى حيث يسمع صريف الأقلام، أقلام الملائكة، وهم يكتبون ما أمروا بكتابته، فهناك خوطب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من قبل ربه ومولاه سبحانه، فأسمعه كلامه سبحانه، إلا أنه لم يمكنه من رؤيته، بل احتجب عنه بنوره سبحانه:"نور أنّى أراه "، "حجابه النور " في تلك اللحظة العظيمة، أوجب الله عليه خمسين صلاة، فقبلها رسول الله، عليه الصلاة والسلام – فانصرف لينزل، إلا أن بعض إخوانه من أولى العزم (موسى) عليه السلام أوقفه، ونصحه ليراجع ربه ويسأله التخفيف، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حيث كان عندما خاطبه ربه أولاً، فسأله التخفيف لأمته، فخفف الله عنهم بعض التخفيف، فتكرر السؤال والشفاعة، وتكرر التخفيف، إلى أن خفضت الصلاة من خمسين إلى خمس صلوات، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد إلى مكة بذلك الإيجاب الإجمالي، فبعث الله إليه رسوله جبرائيل فعلمه أفعال الصلاة، وعدد الركعات، وموضع السر والجهر في القراءة، كما علمه كيف يتطهر لها، هكذا بينت السنّة صفة الصلاة بالإختصار.