تعالى:{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}[٤٥] وقال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}[٤٦] وقال في القرآن: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[٤٧] أي ومعه علمه "؛ ثم واصل الإمام كلامه قائلاً:"ولما بعد العهد بهذا العلم، آل الأمر بكثير من الناس إلى أن اتخذوا هواجس الأفكار، وسوانح الخواطر والآراء، علماً، ووضعوا فيها الكتب، واتفقوا فيها الأنفاس، فضيعوا فيها الزمان، وملؤوا بها الصحف مداداً، والقلوب سواداً، حتى صرح كثير منهم، أنه ليس في القرآن والسنة علم، وأن أدلتهما لفظية لا تفيد يقيناً ولا علماً، وصرخ الشيطان بهذه الكلمة فيهم، وأذن بها بين أظهرهم، حتى أسمعها دانيهم لقاصيهم، فانسلخت بها القلوب من العلم والإيمان كانسلاخ الحية من قشرتها، والثوب من لابسه " إلى أن قال:"وقال لي بعض أئمة هؤلاء: إنما نسمع الحديث لأجل البركة، لا نستفيد منه العلم، لأن غيرنا قد كفانا هذه المؤونة، فعمدتنا على ما فهموه وقرروه، ولا شك أن من كان هذا مبلغه من العلم فهو كما قال القائل: