قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في وصف هؤلاء:" إنهم طافوا على أبواب المذاهب، ففازوا بأخس المطلب، ويكفيك دليلاً على أن هذا الذي عندهم ليس من عند الله ما ترى من التناقض والإختلاف، ومصادمة بعضه لبعض؛ قال تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}[٤٨] وهذا يدل على أن ما كان من عنده سبحانه لا يختلف، وأن ما اختلف وتناقض، فليس من عنده، وكيف تكون الآراء والخيالات، وسوانح الأفكار ديناً يدان به، ويحكم به على الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، سبحانه هذا بهتان عظيم وقد كان علم الصحابة الذي يتذاكرون فيه، غير علوم هؤلاء المختلفين الخراصين كما حكى الحاكم في ترجمة أبي عبد الله البخاري قال:"كان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا اجتمعوا إنما يتذاكرون كتاب ربهم وسنة نبيهم، ليس بينهم رأي ولا قياس ا. هـ."كلام شيخ الإسلام.
وهذا لا يعني إنكار القياس كلياً، فمثل قياس العلة أمر لا مفر منه، والبحث معروف في موضعه.
وبعد؛ هذا ما استحسنت أن أسجله في هذا المقام من كلام أهل العلم، للإستدلال على أهمية المقام وهو مقام جد خطير، كما ترى إذا انشغل جمهور المسلمين اليوم بتلكم الآراء تاركين نصوص الكتاب والسنة وراءهم مهجورة، وكأني بقائل يقول: إن المسلمين لم يهجروا كتاب ربهم ولم يهملوه، بل قد انتشرت في الآونة الأخيرة إذاعة القرآن الكريم في عواصم المسلمين، كما انتشرت مدارس تحفيظ القرآن في أكثر المدن، بل خصصت الجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة كلية للقرآن وعلومه المتنوعة، فكيف يقال: إن المسلمين قد هجروا القرآن، والحالة هذه؟!!