للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إن هناك أمراً هاماً كذلك، يستلفت النظر، هو حجم الأرض بالنسبة لما حولها من فراغ لا نهائي. فهذا الحجم كما قرر المتخصصون- مناسب جداً بحيث لو كان أصغر أو أكبر لما أمكنت الحياة على الأرض.

فلو كانت الأرض مثلاً صغيرة كالقمر؟ أو لو كان قطرها ربع قطرها الحالي لعجزت كما يقرر العلماء عن الإحتفاظ بالغلافين الجوي والمائي اللذين يحيطان بها، ولصارت درجة الحرارة فيها بالغة حد الموت.

ولو كان قطرها مثلاً ضعف قطرها الحالي، لتضاعفت كما يذكر العلماء- مساحة سطحها أربعة أضعاف، وأصبحت جاذبيتها للأجسام ضعف ما هي عليه، وانخفض تبعاً لذلك ارتفاع غلافها الهوائي وزاد الضغط الجوي من كيلو جرام واحد إلى كيلو جرامين على السنتيمتر المربع، وهذا له أبلغ الأثر في الحياة على سطح الأرض، فتتسع مساحة المناطق الباردة اتساعاً كبيراً، وتنقص مساحة الأراضي الصالحة للسكنى نقصاً عظيماً، ومن ثم تعيش الجماعات الإنسانية منفصلة، أو في أماكن متنائية، فتزداد العزلة بينها، ويتعذر السفر والإتصال، بل قد يصير ضرباً من ضروب الخيال.

ولو كانت الأرض مثلاً في حجم الشمس مع احتفاظها بكثافتها، لتضاعفت - كما يقول العلماء- جاذبيتها للأجسام التي عليها مائة وخمسين ضعفاً؟ ولنقص ارتفاع الغلاف الجوي إلى أربعة أميال، ولأصبح تبخر الماء مستحيلاً، ولارتفع الضغط الجوي إلى ما يزيد على مائة وخمسين كيلو جراماً على السنتيمتر المربع، ولوصل وزن الحيوان الذي يزن حالياً رطلاً واحداً إلى مائة وخمسين رطلاً، ولتضاءل حجم الإنسان حتى صار في حجم القط أو الفأر تقريباً ولتعذرت الحياة الفكرية لمثل هذه المخلوقات.

ولو زاد بُعد الأرض مثلاً إلى ضعف بعدها الحالي عن الشمس، لنقصت- كما يذكر العلماء- كمية الحرارة التي تتلقاها من الشمس إلى ربع كميتها الحالية- وهذا يضر المخلوقات على وجه الأرض ضرراً بليغاً.