لقد أشار الإمام (الشهرستاني) في كتابه (الملل والنحل) إلى مدى النزعة الدينية لأهل الهند، في معرض الكلام عن أمم الدنيا وتقسيمهم حسب المذاهب والنزعات، حيث قال:"وإن العرب والهند يتقاربان مع مذهب واحد وأكثر ميلها إلى تقرير خواص الأشياء، واستعمال الأمور الروحانية ".
وأصاب الإمام (الشهرستاني) في تعميم حكمه على جميع أهل الهند في كل زمان ومكان، إذ نجد جميع الديانات الهندية القديمة تلتقي مع الأديان السماوية، في نقطة الإيمان بوجود الخالق، وخلود الروح وحسابها في الحياة الأخرى، وإن اختلفت معها في التفاصيل. ويرجع سر حصول الأديان والثقافات العديدة التي أتت إلى الهند في مختلف العصور، على الترحيب الذي ساعدها على الإنتشار في أنحاء هذه البلاد المترامية الأطراف، إلى الروح المتسمة بالتسامح السائدة بين حكام الهند وقتئذ، وإلى نزعة أهلها إلى ترحيبهم بكل ما يرد إليها من الخارج من دعوات وثقافات وأفكار.
وقد رحبت الهند في العصر القديم بالآراء المصرية واليونانية، ثم رحبت بالمسيحية في قرنها الأول ثم بالدعوة الإسلامية حيث وجدت نوافذها مفتوحة عندما طرقها الدعاة المسلمون في عهدها الأول.
٢- صفات الدعاة المسلمين ووسائلهم:
والدعوة الإسلامية الحقة، هي الدعوة إلى الله وإلى الأخوة الإنسانية والعدالة الإجتماعية والتسامح والبساطة في جميع مرافق الحياة. وكان الدعاة الأوائل بعيدين كل البعد عن التعصب الديني والعنف والإكراه في كل خطوة يخطونها في سبيل أهدافهم النبيلة. وكانوا قدوة عملية للآخرين. وقد اتخذوا رائدهم في ذلك إرشاد القرآن الكريم:{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين} . وقوله:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة} .