وثانيتها: المساجد والتكايا التي تجري فيها الحلقات الدراسية الإسلامية حسب النظم القديمة. وتعيد المساجد في الهند اليوم دورها الذي كانت تلعبه في الماضي في نشر الإشعاع الديني والثقافي للمجتمع الإسلامي وكانت محط آمال طلاب النور والعرفان في كل ركن من أركان العالم الإسلامي. وتضم الهند آلاف المساجد التي تجري فيها الحلقات الدراسية النظامية، تدرس فيها العلوم الإسلامية واللغة العربية، كما أن خطباء هذه المساجد يلقون دروساً دينية صباح مساء، إلى جانب دروس وخطب أيام الجمع. وفوق هذا وذاك فإن وجود هذا العدد الكبير من المساجد العظيمة التاريخية، التي تضاهي أفخم وأجمل المساجد الكبرى في العالم، في أنحاء الهند ليعيد إلى أذهان مسلميها مجد ماضيهم فيها ويذكرهم بمسئوليتهم على حفاظ هذا التراث الضخم، ولا يتأتى ذلك إلا بالمحافظة على شعائر الإسلام والتمسك بمبادئه والعمل على نشر دعوته.
وثالثتها: الجماعات والهيئات الإسلامية التي تقوم بواجب الدعوة والتبليغ. ولم نر في تاريخ الدعوة الإسلامية الطويل في شبه القارة الهندية جماعة أو هيئة رسمية أو غير رسمية، أنشئت لغرض الدعوة والتبليغ حسب منهج تبليغي منظم. وكل ما رأيناه في مجال الدعوة هو الجهود الفردية من الدعاة المخلصين من العلماء والوعاظ الذين اتخذوا من مجالسهم العلمية - إما في منازلهم أو في التكايا أو في المساجد - مراكز لبيان محاسن الإسلام وإبرازها ناصعة واضحة أمام الناس كما كانوا يقومون برحلات وجولات في سبيل نشر دعوة الحق بطريق الموعظة والإرشاد، وفي جميع الأحوال كانوا قدوة حسنة وحية في حياتهم الخاصة والعامة للتحلي بالأخلاق الفاضلة وحسن المعاملة والإخلاص والوفاء. كما كانوا يهتمون بتربية الناس على الطباع المستقيمة التي يدعوا إليها الدين الحنيف.