العامل الثاني: إن جمهورية الهند قد اتخذت لنفسها دستوراً علمانياً لا يقوم على أساس ديني رسمي ويخول الحرية لجميع المواطنين في الإحتفاظ بعقيدتهم والدعوة إلى مبادئهم ونشر ثقافتهم، ففي وسع المسلمين نشر الدعوة الإسلامية وتنوير قلوب الملايين بها بذلوا في سبيلها من جهود واتخذوا لها من وسائل مدروسة ومناهج سليمة وطرق مشروعة بإخلاص وصدق نية مع أداء ما عليهم من واجبات نحو وطنهم كمواطنين صالحين.
وأيضاً فإن مستقبل الدعوة الإسلامية في الهند المرتبط بماضيها فيها فقد عرفنا أن هذه لم تنتشر في هذه البقاع بفضل حكومات المسلمين التي قامت فيها، ولا بواسطة منظمات وهيئات قامت بنشرها أو وضعت خططه أو أنفقت فيه الأموال، بل يعود الفضل فيه إلى أسباب أخرى عديدة، ومنها: يتعلق بطبيعة هذه الدعوة من فطريتها وملاءمتها لكل زمان وظروف، وكذلك خصائص أنظمتها الإجتماعية حيث يجد فيها كل مجتمع متنوع الأجناس ومتفرق الطبقات، عناصر صالحة منقذة من المضار الكامنة في نظام الطبقات والعصبيات المناوئة للفطرة الإنسانية السليمة. ومنها: ما يتعلق بطبيعة الأمة الهندية كالنزعة الدينية المتأصلة فيها وروح التسامح التي اتسعت بها الثقافة الهندية منذ القدم، وكذلك حضارتها العريقة القائمة على الروحانيات. ومنها أيضاً ما يتعلق بصفات الدعاة ووسائلهم في نشر الدعوة، من الوعظ والإرشاد والقدوة الحسنة والسلوك السليم وابتعادهم عن المآرب السياسية والمطالب الشخصية.