وما زال أذى قريش منصبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من أصحابه بحيث لا يستطيع أحد من المؤمنين أن يصلي في المسجد الحرام حتى أسلم عمر رضي الله عنه وقاتل قريش حتى صلى حول الكعبة وعندها عز المسلمون بعمر ابن الخطاب وأصبحوا يصلون حول الكعبة جهارا نهارا كما قال عبد الله بن مسعود:"إن إسلام عمر كان فتحا، وإن هجرته كانت نصرا، وإن إمارته كانت رحمة، ولقد كنا لا نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه". بيد أن قريشا لما رأت انتصار المؤمنين بعمر رضي الله عنه جنت جنونها وركبت رأسها وطالبت من أبي طالب وبني هاشم تسليم الرسول صلى الله عليه وسلم للقتل. ولما فشلت في ذلك أمرت بمقاطعة بني هاشم مقاطعة تامة فلا يباعون ولا يبتاع منهم ولا يكلمون، ولا يقدم لهم أدنى مساعدة ولا تقضى لهم أية حاجة وحاصرتهم في شعب أبي طالب، وكتبت بذلك صحيفة وعلقتها بالكعبة ودام حصارها للرسول صلى الله عليه وسلم وبني هاشم ثلاث سنوات جاع فيها بنو هاشم حتى أكلوا ورق الشجر، وقيض الله تعالى رجالا من قريش منهم هشام بن عمرو بن الحارث، وزهير بن أمية بن المغيرة والمطعم ابن عدي فأتوا على الناس وهم حول الكعبة وقالوا:"يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى، لا يباعون ولا يباع منهم، والله لا نقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة"، وانتهى الأمر بنقض الصحيفة وخروج بني هاشم والحمد لله، وعلى أثرها توفي أبو طالب وتوفيت خديجة رضي الله عنها فاشتد الكرب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعظم ألمه وحزنه.