وخطب مرة أخرى أيضا فقال:"إن الحمد لله ... أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس، إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا ما أحب الله، أحبوا الله من كل قلوبكم، ولا تملوا كلام الله وذكره، ولا تقس عنه قلوبكم فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي، قد سماه الله خيرته من الأعمال ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث، ومن كل ما أًوتى الناس من الحلال والحرام؛ فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتقوه حق تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم إن الله يغضب أن ينكث عهده. والسلام عليكم".
ومن أجل ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعمال في مجال الدعوة بالمدينة بعد بناء المسجد وجمع المؤمنين فيه للصلاة والتربية والتعليم هو كتابه الذي كتبه بين المهاجرين والأنصار، وقد ضمنه موادعه يهود المدينة، ومعاهدتهم وإقراره لهم على دينهم وأموالهم، وما شرط لهم واشترط عليهم وهو كتاب يقع في أكثر من ثلاث صفحات تضمن خطوطا سياسية إصلاحية حربية وسلمية لا نظير لها في معاهدات الناس وكتاباتهم في هذا الشأن بحال من الأحوال، وهو في كتاب السيرة لابن هشام.