للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر، أطول من المربوع وأقصر من المشذب (البائن الطول) عظيم الهامة رجل الشعر أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب، سوابغ من غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرينين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، أدعج، سهل الخدين، ضليع الفم، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كان عنقه جيد دميه في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا متماسكا، سواء البطن والصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (رؤوس العظام) أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، سائل الأطراف، عبل الذراعين (غليظهما) خمصا الأخمصين ينبوعهما الماء، إذا زال زال تقلعا، ويخطو تكفؤا، ويمشي هوناً، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، ويبدأ من لقيه بالسلام".

وأما في خلقه العظيم فإنه بأبي هو وأمي كان مثالا من أمثلة الكمال البشري، فلا يسامى في أخلاقه ولا يدانى بحال فهو فريد دهر الدنيا ووحيد عصرها.

حنثت يمينك يا زمان فكفري

حلف الزمان ليأتين بمثله

وها نحن نستعرض شذرات [١٥] من ذهب كماله في كل مجالات حياته الأخلاقية والنفسية والعقلية لنقف على عين الحقيقة، ونعرف الكمال المحمدي الذي كان به سيد الدعاة الصالحين وإمامهم أجمعين.

في عفوه وحلمه:

إن العفو كالحلم كلاهما من الأخلاق الإنسانية الفاضلة. وإن الاستقصاء للشمائل المحمدية غير محتمل أصيلا، ولقد أحسن من قال:

كما مثل النجوم الماء

إنما مثلوا أصفائك للناس

ولذا فإننا نكتفي دائما بنماذج لذلك الكمال المحمدي في كل مظهر من مظاهره. ومن شمائل الحلم والعفو عنده صلى الله عليه وسلم نذكر الأمثلة الثلاثة الآتية: