وأخذ زميلي يتفاهم معه ومع بعض زملائه عن السكن الملائم وعن وسيلة المواصلات. فبدءوا يحدثونه عن الفندق الفذ في لندن الذي لا يوجد الأمان إلا فيه، وكل الفنادق سواه لا يأمن الإنسان فيها على نفسه ولا على ماله. الذي يجمع بين الأكل الإفرنجي والطعام العربي. الذي ينزل به السعوديون وغيرهم من الشرقيين.
والمواصالات؟ أشار إلى سائق بجانبنا وقال: هذا سائق الملحق العسكري السعودي، وهو الذي يوصلكم إلى الفندق فظننا أن السفارة السعودية وصلت إلى حد استقبال كل وافد سعودي إلى هذه البلاد لمساعدته عندما يصل لعدم معرفته بالبلد ولغة أهل البلد، الحمد لله رب العالمين. وبعد قليل سأل زميلي الموظف المبتسم المعني بنا: ما اسمك ومن أين أنت؟ فذكر اسمه المسيحي ولا أذكره الآن، إنه فلسطيني، فوقع الشك في نفسي وبدأت أحافظ بشدة على الحقائب ولا سيما التي فيها الجوازات وخرجنا مع السائق فوجدنا حافلة صغيرة تنتظرنا فرفعنا أثاثنا وركبنا فوجدنا شخصاً آخر يرافقنا في السيارة، ومعه زوجته المشلولة والظاهر أنه قد وصف له هذا الفندق كما وصف لنا. وبعد أن أخذ السائق طريقه بدأ يذم فنادق لندن كلها التي لا يأمن الإنسان فيها على نفسه وماله. وأن هذا الفندق الذي ستنزلون به هو الفندق الوحيد الذي يطمئن فيه النزلاء. ودخل في نفسي الشك ورأيت فندقاًَ على يميني فسألته كيف هذا الفندق - عن طريق زميلي- فأجاب: الليلة في هذا الفندق بعشرين جنيهاً أتريد أن أنزلك فيه وهو غال وغير مؤتمن وكان الجواب لا وفي نفسي أن نعم خير من لا ولكن دون جزم وعندما وصلنا بجوار تلك العمارة القديمة أخذنا نساعد صاحبنا زوج المرأة، منا من يأخذ له المظلة ومنا من يأخذ له حقيبة اليد وهو يحاول بجهد إسناد زوجته حتى تدخل إلى إدارة الفندق، وسلم السائق ركابه بالعدد لأحد العاملين في الفندق. وذهب دون أن يستلم منا الأجرة.