وبعد انتظار طويل قريب من اليأس وصل محمد أشرف إلى الفندق، قال: أيوجد هنا عبد الله القادري فلم أتمالك أن أعتنقته قبل أن يجيبه أحد وكان ينظر إلى نواحي الفندق القريبة منه نظر استغراب، وكنت أقرأ في نظراته العبارة التالية: صهري عبد الله القادري، القادم من بلاد غنية، كالمملكة العربية السعودية، ذو الوظيفة الجيدة، عميد كلية اللغة العربية ينزل في هذا المكان الذي لا يصلح مأوى إلا للمعدمين ولكنه لذكائه لم يفصح عما في نفسه فطلب منا أن نصعد إلى الحجرة ليكون حديثنا مقصوراً علينا.
إنه لم يقدر على الاستمرار في الترحيب، كما هي عادة الأصدقاء والأحبة الذين يستقبلون صديقا حبيبا، فبدأ يسأل كيف نزلتم في هذا المكان؟ فأخبرناه بقصتنا، وكان الوقت تقريباً الساعة الثانية عشرة بتوقيت بريطانيا الصيفي.
قصة العشاء وفرش الملابس:
فسألنا هل تعشيتما؟ فقلنا: لا ونحن في أمس الحاجة إلى الطعام ولم نقدر أن نذهب إلى أي مطعم خشية أن نصادف حراماً والثقة في أعدائنا غير متوافرة، وكنا مشغولين بالوضع الذي كنا فيه، فاتفق مع زميلي على أن يذهبا للبحث عن طعام حلال، وأن يدعاني أرتاح في الحجرة، وحقا لقد كنت مضطرا للراحة، فأبعدت الغطاء الذي كان على أحد الأسرة وفرشت بعض الغتر وبعض الثياب الخاصة بي على البساط والوسادة، واضطجعت بعد تردد شديد وجسمي يكاد يقفز من على السرير ولكن لشدة التعب وعدم النوم في ذلك اليوم الطويل أغاثني الله بالنوم فكان كما قال الله تعالى:{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} أي راحة.